تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
86482 مشاهدة print word pdf
line-top
باب: عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير

قال الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير.
قال أبو عبد الله حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- يحدث أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في أمري؛ فلبثت ليالي ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا، وكنت أوجد عليه مني على عثمان فلبثت ليالي.
ثم خطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا قال عمر قلت: نعم، قال أبو بكر فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولو تركها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ قبلتها.
قال أبو عبد الله حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عراك بن مالك أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة -رضي الله تعالى عنهما- قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنا قد تحدثنا أنك ناكح درة بنت أبي سلمة فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلى أم سلمة لو لم أنكح أم سلمة ما حلت لي؛ إن أباها أخي من الرضاعة .


هذا حديث عمر الذي أشرنا إليه؛ ابنته حفصة كانت مزوجة من هذا الرجل السهمي مات بالمدينة بعدما هاجر، ولما مات تأيمت أصبحت أيما، فكره أن تبقى بدون زوج، فجاء إلى عثمان وعرضها عليه وقال: هل لك أن أزوجك حفصة ؟ فعثمان قال: سأنظر في أمري، ثم بعد مدة يوم أو أيام اعتذر، وذكر أنه بدا له أن لا يتزوج الآن، ويمكن أن عنده زوجة.
وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- زوجه ابنته بعدما ماتت ابنته الأولى رقية زوجه أم كلثوم فلعله كره أن يتزوج ومعه بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فالحاصل أنه اعتذر وقال: قد بدا لي أن لا أتزوج، لو وافق لزوجه عمر وكأن ابنته حفصة قد فوضت أباها، فقالت: لك أن تزوجني بمن شئت، ثم إنه عرضها على أبي بكر -رضي الله عنه-.
أبو بكر سكت لما عرضها عليه، ما قال : نعم، وما قال: لا حاجة لي فيها، فلما سكت استنكر عمر سكوته، استنكر أنه ما قال: نعم، ولا قال: لا، وكأنه وجد عليه ولكن تبين عذره بعد ذلك.
لبثوا أياما قليلة فخطبها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتزوجها، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب أن يكون بينه وبين أكابر صحابته صلة رحم، فهو تزوج بنت أبي بكر عائشة لتقوى الصلة بينهما، وزوج عثمان بابنتيه لتقوى الصلة بينهما، وتزوج بنت عمر ليكون ذلك أيضا صلة قرابة وصلة مصاهرة بينهما، تزوج حفصة فأصبحت من أمهات المؤمنين، وفرحت بذلك وفرح بذلك أبوها.
اعتذر أبو بكر عن سكوته؛ وذلك لأنه قد سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكرها، كان -صلى الله عليه وسلم- يسر إلى أبي بكر ويخبره بالأشياء التي يعزم عليها فكان قد سمعه وهو يقول: إن حفصة بنت عمر تناسبني أو سوف أخطبها وأتزوجها، فلما كان قد سمع هذا كره أن يفشي هذا السر الذي أسره إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- هكذا اعتذر، فعذره عمر يقول: لو تركها لقبلتها.

line-bottom